23 سبت, 2024

الإلحاد: ظاهرة في العالم العربي الإسلامي

A person looks down at the ground. On the ground are two arrows that are marked with "Islam" and "Atheism".
© ChatGPT/Communio Messianica

إخلاء المسؤولية: لا تمثل منظمة امة المسيح إلا المسلمين السابقين الذين يتبعون المسيح الآن، والذين يطلق عليهم أيضًا المؤمنون بالخلفية الإسلامية (او العابرون). في هذه المقالة التي كتبها هارون إبراهيم، رئيس المجلس الحاكم لمنظمة امة المسيح، يلقي هارون نظرة على مجموعة أخرى تركت الإسلام: الملحدون. ورغم أن وجهات نظرهم مختلفة تمامًا عن وجهات نظر المؤمنين بالخلفية الإسلامية، إلا أن هناك أوجه تشابه في وضع المجموعتين.


أثارت الإلحاد جدلاً حاداً في المنطقة العربية، وخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي التي سمحت بحرية أكبر للتعبير في السنوات الأخيرة. ولأنه كان يُنظر إليه على أنه من المحرمات مناقشته في السنوات السابقة، لا يمكن الوصول إلى العدد الدقيق للملحدين في العالم بدقة، على الرغم من أن بعض الجماعات الدينية تمكنت من تقدير بعض الأعداد.

وفقًا لتصريحات صادرة عن مؤسسة الإفتاء المصرية في يناير 2014، يوجد حوالي 900 ملحد في مصر. ويقدر البعض عددهم بالآلاف، والبعض الآخر يصل إلى مليونين. في نفس العام، نقلت وسائل الإعلام السعودية دراسة أجرتها مؤسسة واين جالوب الدولية للأبحاث، أظهرت أن 5٪ من السعوديين يقولون إنهم ملحدون. أمع عدد سكان يبلغ 29 مليون نسمة، أي أقل بقليل من 1.5 مليون نسمة. هناك عدد متزايد من الدراسات التي تظهر زيادة في عدد الأشخاص الذين يطلقون على أنفسهم ملحدين في الدول الإسلامية.

منصات الملحدين في العالم العربي

يستخدم الملحدون العرب الفيسبوك وتويتر ويوتيوب والمدونات كوسيلة للتواصل فيما بينهم. وتمنح هذه المنصات عدة خيارات للمستخدم بعدم الكشف عن هويته كلما بحث شخص ما في الشبكة الاجتماعية عن كلمة "ملحد" باللغة العربية. ويبدو أن هناك آلاف الصفحات على الفيسبوك وتويتر التي تخص "ملحدين" من العالم العربي اجتذبت العديد من المتابعين.

يوجد على موقع الفيسبوك عدة صفحات تدعو الملحدين العرب للانضمام:

  • ملحدين تونسيين (30 ألف متابع)
  • ملحدين سودانيين (صفحتان لنفس المجموعة التي تضم 7 آلاف متابع)
  • ملحدين سوريين (15 ألف متابع)
  • ملحدين مصريين (أكثر من 10 مواقع ومليون متابع)
  • ملحدين سعوديين (عدة صفحات تضم أكثر من مليون متابع)

ويعتبر الملحدون السعوديون والمصريون الأكثر نشاطاً بحسب صحيفة المسلم الإلكترونية التي تؤكد أن الملحدين السعوديين يفوقون البقية بمليون متابع.

على تويتر يتجاوز متابعو من أعلنوا إلحادهم مئات الآلاف (على سبيل المثال يتابع صفحة الملحد العربي أكثر من 12 ألف متابع) ويدير أصحاب هذه الحسابات نقاشات مختلفة حول رغبتهم في تدمير "أسطورة الدين باستخدام العقل"، بينما ينشر بعضهم تعليقات وصوراً معادية للإسلام مثل نسخ ممزقة من القرآن الكريم ورسومات معادية للإسلام.

يقول البعض أنهم يركزون على استخدام العقل لنشر المعرفة، بينما يقول آخرون إن تغريداتهم تستهدف أولئك الذين يفكرون في أن يصبحوا ملحدين. وهناك أيضًا أولئك الذين يعتبرون أنفسهم "ملحدين وكفارًا" ينشرون منشورات تدعي أن الرسالة الإسلامية تشجع على العنف ضد الأديان الأخرى.

على موقع يوتيوب، أنشأ بعض الملحدين العرب العديد من القنوات التي تجتذب آلاف المشتركين. وعادة ما ينشر أصحاب هذه القنوات مقاطع فيديو ضد الإسلام؛ ويستخدم البعض عنوان "أساطير الدين الإسلامي". أطلق عدد من الشباب العرب قناة تلفزيونية على الإنترنت تُعرف باسم "العقل الحر". تهدف هذه القناة التلفزيونية العلمانية إلى تقديم أخبار خالية من الرقابة الدينية والحكومية السائدة للدول في الشرق الأوسط والعالم بشكل عام.

علاوة على ذلك، نلاحظ أن معظم منتقدي الإسلام لديهم خلفية إسلامية. هناك فرق واضح بين الملحدين من خلفيات إسلامية ومسيحية. الملحدون السابقون يهاجمون الدين الإسلامي، بينما الملحد المسيحي السابق لا يهاجم المسيح، بل يهاجم وجود الله وسلوك الكنيسة.

لماذا يترك بعض العرب دينهم؟

من أهم الأسباب التي دفعت بعض العرب إلى ترك الإسلام:

1. العنف الذي تمارسه الجماعات الإسلامية المتطرفة، مما دفعهم إلى التشكيك في مبادئ الإسلام.

2. ينظر إلى حياة محمد وسيرته النبوية على أنها استخدام لله كوسيلة لتبرير المنافع الشخصية لمحمد.

3. الفكر الإسلامي غير منطقي، على سبيل المثال، يزعم علماء المسلمين أن القرآن يحتوي على معجزات يمكن إثباتها علميًا، لكن هذا غير صحيح.

4. اكتشاف الوجه الحقيقي للإسلام، والذي يدعمه نقاد الإعلام المسيحي للإسلام الذين كشفوا عن طبيعته الحقيقية.

أكدت دار الإفتاء المصرية* أن أقوى سبب لترك الإسلام للإلحاد هو الممارسات العنيفة للإرهابيين وتشدد الجماعات الإسلامية مثل الجماعات التكفيرية الإسلامية، التي تذبح بوحشية باسم الإسلام وتشوه التعاليم الإسلامية. وهذا، إلى جانب موقف الأزهر من داعش، يرسم صورة قاتمة للوحشية التي تنفر الشباب الإسلامي وتدفعه إلى اعتناق الإلحاد.

هل هي خطوة علمانية أم ملحدة؟

في العالم العربي، يصعب فهم المفاهيم التالية لأنها كلها غير مقبولة لدى قطاعات مختلفة في المجتمعات العربية.

  1. الإلحاد
  2. العلمانية
  3. اللادينية

وفقًا لموقع صحيفة "ديلي نيوز" المصرية، تقسم دار الإفتاء المصرية "الملحدين" إلى ثلاث مجموعات وتعرفهم على النحو التالي:

  1. أولئك الذين لا يعترضون على الإسلام كدين لكنهم يرفضون "الإسلام في السياسة" ويدعون إلى دولة علمانية (على سبيل المثال المفكر والمؤلف المصري السيد القمني)
  2. أولئك الذين يرفضون الإسلام تمامًا كدين.
  3. أولئك الذين تحولوا من الإسلام إلى دين آخر.

هذا غير صحيح من الناحية الواقعية ومن المهم أن يكون المراسلون على دراية بالاختلافات. ومع ذلك، فإن عامة الناس يعتبرون جميع "المجموعات الملحدة" كما تم تعريفها أعلاه مجموعات كافرة.

 

الاضطهاد والعداء:

المنتقدون الدينيون والمدافعون عن الإلحاد والجريئون في خطر، وحالتهم تشبه إلى حد ما حالة المسلمين الذين تحولوا إلى المسيحية.

لقد سُجن الكثير منهم في أغلب الدول العربية. وقد ورد في وسائل الإعلام أن شابًا سعوديًا يبلغ من العمر عشرين عامًا حُكم عليه بالإعدام لنشره مقطع فيديو يظهر فيه وهو يمزق نسخة من القرآن الكريم. وقد حذف موقع يوتيوب الفيديو.

رائف بدوي هو منشئ موقع يسمى الليبراليون السعوديون الأحرار، والذي لم يعد موجودًا على الإنترنت. وقد ألقي القبض على بدوي في عام 2012 بتهمة "إهانة الإسلام عبر القنوات الإلكترونية" وتم تقديمه للمحاكمة بتهم عديدة، بما في ذلك الردة وحُكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات و1000 جلدة.

في عام 2014، حكمت محكمة مصرية على طالب يدعى كريم أشرف محمد البنا بالسجن ثلاث سنوات بتهمة ازدراء الدين وتلاوة عبارات فيها ازدراء وإهانة لذات الإله، وذلك بنشره تعليقات على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك. ووصفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" سجنه بأنه جزء من حملة حكومية لمكافحة الإلحاد وأي شكل من أشكال المعارضة.

في يناير/كانون الثاني 2015، ذهب المصري أحمد هرقان الذي أعلن عن أفكاره الإلحادية في إحدى القنوات التلفزيونية، إلى أحد أقسام الشرطة في الإسكندرية لتقديم دعوى ضد عدد من الأشخاص الذين اعتدوا عليه وعلى زوجته بسبب معتقداتهم. وهناك قصص مماثلة عن معتنقين عرب عاشوا هذه التجارب في عدة دول عربية.

في يونيو/حزيران 2015، أطلقت وزارة الشباب المصرية بالاشتراك مع مؤسسة الأزهر المصرية مبادرة لمكافحة التطرف والإلحاد. وفي تصريح صحفي قال الشيخ أحمد تركي وهو أحد المبادرين إن الهدف من ذلك هو تزويد الشباب بالحجج العلمية التي ستجعلهم يواجهون ادعاءات الملحدين وأضاف: "الإلحاد قضية أمن قومي... إذا تمردوا (الملحدون) على دينهم فسوف يثورون على أي شيء آخر".

وهذا ما يحدث أيضًا للمتحولين من الإسلام إلى المسيحية: فهم غالبًا ما يعانون من اضطهاد شديد. ورغم أن المتحولين غير مؤذين ويريدون فقط فرصة لعبادة من يؤمنون به، فإن الأمر يتحول إلى قضية أمن قومي. وفي الختام، يمكننا أن نستنتج من المعلومات أعلاه أن قانون ازدراء الأديان مجرد عنوان لا علاقة له بمحتوى القانون. فهو لا يحترم جميع الأديان، بل هو قانون لصالح الدين الإسلامي فقط.

ردود أفعال أخرى:

مؤخراً، أثار موضوع الإلحاد جدلاً على محطات التلفزيون العربية، ولأول مرة تم بث برنامج يجمع الملحدين مع رجال الدين المسلمين. وعندما سأل المذيع الملحدين عن أسباب تركهم للإسلام لم يذكروا نقص الإيمان. اعتبر رجال الدين المسلمين أن أسبابهم إما مشاكل شخصية ،أو نفسية أو عدم استقرار في مرحلة المراهقة أو مرض عقلي.

وكانت هناك مناقشات أخرى في البرامج التي استضافت الطرفين. وتصف وسائل الإعلام المصرية أحياناً هذه الجهود التي تبذلها الدولة والمؤسسات الدينية بأنها "حرب على الإلحاد". وهذا يدل على تحيز المذيع لدعم وجهة النظر الإسلامية.

هناك أسئلة يجب مناقشتها:

  1. هل لدينا كمسيحيين منظمات يمكنها أن تخدم في هذا المجال وعلى شبكات التواصل الاجتماعي؟
  2. هل المحتوى الذي نبثه وننشره حالياً يقدم حلولاً للأسئلة الجوهرية التي يطرحها الناس أم أننا نلقي عظات تتردد صداها معنا فقط؟
  3. هل من الممكن تقديم حلول فعالة وعملية؟ هل يجب علينا أن نعيد النظر فيما نقدمه؟

ومن الجدير بالذكر أن عدداً كبيراً من العابرين قد سلكوا نفس الطريق، فقد تركوا الإسلام وقضوا فترة من الزمن في الشك قبل أن يجدوا المسيح المخلص وتتغير حياتهم.

قال لي كثير من العلمانيين: أنا لست ملحداً، أنا شخص غير متدين، ولدي رأي في شخصية الله ووجوده، وأجد تشابهاً كبيراً بيني وبين كثير من المتحولين. "ومن الواضح عندما أتحدث إلى العابرين، أنني أجد صورة لنوع الإله الذي كنت أتخيله."

ورغم أن هذه الكلمات شجعتني، إلا أنها أزعجتني أيضًا، لأنه إذا كان هذا الشخص لا يستطيع أن يرى الله في المؤمنين المسيحيين والكنيسة إلا عندما نقبّلهم ونعانقهم، فإنني أجرؤ على أن أسأل:

 

"كيف يمكن للكنيسة أن تصل بشكل أفضل إلى الملحدين وغيرهم من الأشخاص الذين تركوا الإسلام؟" هارون إبراهيم

*دار الإفتاء المصرية هي منظمة حكومية غير ربحية تقدم للمسلمين النصيحة والتوجيه من خلال إصدار الفتاوى (المراسيم القانونية التي توضح الشريعة الإسلامية)